احمد صبرى عبدالسلام عضو متميز
الجنس : العمر : 44 142
| موضوع: نبذة عن حياة الشيخ طه الفشني الإثنين ديسمبر 20, 2010 12:08 am | |
| كان والده الشيخ طه مرسي الفشني تاجر أقمشة من ميسوري الحال اختار لابنه ان يكمل تعليمه بعد أن دخل الكتاب وحفظ القرآن وعمره10 سنوات وقبل ان يصل عمره للعشرين اكمل تعليمه وحصل علي مدرسة المعلمين وفي دراسته في تلك المدرسة كما يحكي ابنه زين اكتشف عذوبه صوت الشيخ طه الفشني ناظر المدرسة واسند إليه القراءة اليومية للقرآن في الطابور وحفلات المدرسة ولكن لم يكن حتي ذلك الوقت يعد الشيخ الفشني عذوبه صوته في التلاوة القرآنية خاصة أن طموح والده كان أن يكمل ابنه دراسة القضاء الشرعي وبالفعل ذهب الشيخ طه الفشني إلي القاهرة للالتحاق بمدرسة القضاء الشرعي الا ان ثورة19 كانت مشتعلة, والأحداث حالت دون استقراره في القاهرة فعاد مرة أخري إلي بلده الفشن وان كان اختار طريقه فذهب يحيي السهرات في المأتم كقاريء للقرآن في بلدته والقري المجاورة له.
وبدأ يأخذ سمعه أنه قاريء للقرآن الكريم ولكنه لم يكن مضطرا في الاستمرار في القراءة للقرآن خاصة أنه من أسرة ميسورة الحال وكان شيئا ما يجذبه ناحية القاهرة عندما لم يتمكن في المرة الأولي عندما حضر اليها من ان يلتحق بمدرسة القضاء الشرعي عاد ولكن كان منظر حي الحسين في خاطره.
ولذلك كان شيء يناديه في القاهرة وسافر اليها مرة أخري ليلتحق بالأزهر هذه المرة وغرضه ان يتعلم فنون القراءات خاصة انه وجد نفسه وصوته يتجه به لذلك وحصل بالفعل علي اجادة علم القراءات علي يد الشيخ عبد الحميد السحار واتقن علوم التجويد, وكأن وجوده في القاهرة حوله لشيء آخر فاثناء دراسته في الأزهر اخذه حي الحسين بعد أن اتخذه مسكنا له وكان قريبا منه في السكن الشيخ علي محمود ملك التواشيح الدينية وكان للشيخ علي محمود فرقة تواشيح خاصة فعرض علي الشيخ طه الفشني ان ينضم لبطانته.
وفي هذه الفترة كانت فرصة جيدة ان يتعلم الشيخ طه الفشني الطرب خاصة ان الشيخ علي محمود يعد مدرسة الطرب المصري فعلي يديه تعلم محمد عبدالوهاب الموسيقا وعلي يديه ايضا دخل الشيخ طه الفشني فن التواشيح والمديح وكان زميل الشيخ طه الفشني في فرقةالشيخ علي محمود الملحن زكريا أحمد. ولكن طريق الشيخ الفشني كان مختلف ففي أحد الليالي بحي الحسين عام1937 كان في حفلة ضخمة وكان يحضرها سعيد باشا لطفي رئيس الإذاعة المصرية وكانت علاقة خاصة تجمع بين الشيخ علي محمود والشيخ طه الفشني لانه يعتبره تلميذه وامتدادا له وأعطي الشيخ علي محمود الفرصة للشيخ طه الفشني ان يقرأ أمام رئيس الإذاعة وأعطي الشيخ علي محمود مقعده للشيخ طه وبدأ يقرأ القرآن
وكان يوم تجل للشيخ طه وغرد فيه بشكل غير طبيعي لدرجة ابهرت سعيد باشا لطفي رئيس الإذاعة وبعد أن انهي الشيخ طه القراءة استدعاه رئيس الإذاعة وقال له ياشيخ طه بكره لازم تكون عندنا في الإذاعة المصرية, وصوتا لازم يأخذ فرصته ويستمع له الناس في كل بر مصر وفي اليوم التالي ذهب الشيخ طه الفشني للإذاعة واجري أختبارا والتحق بالإذاعة المصرية سنة37 وقدرت لجنة الاستماع صوته بأنه قاريء من الدرجة الأولي الممتازة وكان مخصصا له قراءة ساعة ألا ربع في المساء في الإذاعة المصرية.
وكان دخول الشيخ طه الفشني الإذاعة فرصة مهمة لانه بدأ اسمه ينتشر وتذاع قرءاته في كل مكان في بر مصر نتيجة عمله بالإذاعة خاصة أن بعدها بفترة حانت له فرصة ان يلازم الشيخ مصطفي إسماعيل في السهرة الرمضانية في السرايا الملكية عند الملك فاروق ويحكي الشيخ طه الفشني نقلا عن ابنه زين عن تلك الفترة التي لازمت الشيخ مصطفي إسماعيل كانت تجمع بيننا علاقة خاصة تأثرت به كثيرا لان الشيخ مصطفي إسماعيل مدرسة خاصة وكان الشيخ مصطفي إسماعيل يحرص علي ان يصطحبني معه في كل مكان لنقرأ سويا وكان دخول الشيخ طه الفشني في القراءة في القصر الملكي بمثابة اعتراف بأنه احد رموز القراء, لانه لم يحظ بالقراءة امام الملك الا نجوم القراء بداية من الشيخ مصطفي اسماعيل وعبدالفتاح الشعشاعي وأبوالعينين شعيشع ومنصور بدار الدمنهوري.
وعلي الرغم من ان نجم الشيخ طه الفشني لمع في عالم تلاوة القرآن ولكنه استمر كمنشد ديني وحانت له الفرصة عندما مرض الشيخ علي محمود وكانت هناك مناسبة كل شهر هجري تنظم الإذاعة حفل إنشاد ديني وطلبت منه الإذاعة ان يحل محل شيخه علي محمود ولكنه رفض ان يقبل طلب الإذاعة الا بعد موافقة الشيخ علي وذهب إليه فقال له الشيخ اذهب ياطه يا ابني اقرأ انت خليفتي وأذيعت الحفلة وازدادت شهرة طه الفشني في فن الانشاد الديني مما دعاه ان ينشئ فرقة خاصة به للإنشاد الديني عام1942 مع استمرار عمله كمقريء.
ومن الأمور الغريبة والعجيبة في تاريخ الشيخ طه الفشني كما يورد ابنه طه عن ذكرياته انه كان يأخذ حفلات يحييها بشكل تام وكامل ففي الافراح مثلا كان يبدأ بقراءة القرآن كفاتحة لليلة وبعد أن ينتهي من التلاوة يبدأ في الانشاد الديني, مما يدل علي مساحة صوت هذا العملاق الذي تجعله يتنوع في ذات الوقت ما بين التلاوة القرآنية والإنشاد الديني وكان يستمع له الجماهير حتي الصباح وبدأت شهرته تتسع سواء في التلاوة القرآنية أوالانشاد لانه يملك النغم وكان له صوت خاص ولقبه المختصون بملك العذوبة في الصوت لانه كانت لديه ووصل لدرجة يطلق عليها علماء الأصوات الأكتفن اي انه صوته يصل لقمة الدرجات الموسيقية لصوت الرجال وهومايعرف باسم جواب الجواب
وبالإضافة لذلك كانت لديه ميزة أخري انه يملك الذروة الصغري لقرار القرار وهي الدرجة الهامسة من الصوت المنخفض التي تعطي نغما خاصا لا يملكها الا صاحب الصوت العذب فكانت تنويعات الصوت عند الشيخ طه الفشني مثار استغراب لانه كان ينتقل بين جواب الجواب وقرار القرار في سحر رباني ولكن كانت للشيخ طه الفشني ابداعات لم تكن عند احد غيره لدرجة دفعت الملحنين ان يطلبوا منه أن يغني لانه صاحب صوت فريد وهذه قصة أخري نوردها غدا.
سيرة وحياة الشيخ طه الفشني ملك التواشيح ومبدع الأذان
رحلة الشيخ طه الفشني مع القراءة والانشاد حملت متناقضات عجيبة خرج منها هذا الرجل بالصورة التي نراها ونسمعها به كصوت عذب ويمتلك كل الادوات من حلاوة صوت, وإجادة للقراءات ودراسة كاملة للموسيقي العربية ولكن كان وراء الشيخ طه الفشني قصة أخري..لانه خريج مدرسة حارة الروم..في تلك الحارة كانت مدرسة أخري في الانشاد والتواشيح والقراءة كان يعيش فيها فهي بجوار المسجد الحسيني وترعرع فيها قمم دولة القراءة بداية من الشيخ أحمد ندا الاب الروحي للقراء المصريين والشيخ محمد سلامة عملاق القراء والشيخ عبد الفتاح الشعشاعي في تلك الحارة
عاش الشيخ علي محمود الاب الروحي للفن التواشيح مع كل هؤلاء ظهر الشيخ طه الفشني بعد أن استقر في القاهرة.
ولذلك عاش وسط تلك القمم وربما يكون ذلك سر التنوع في فنون الشيخ طه الفشني.. ولانستعجب عندما نجد أن صحف القاهرة خرجت يوم وفاة الشيخ عام1971 لتقول رحل عن عالمنا المطرب والمنشد والقاريء طه الفشني نعرف المنشد والقاريء ولكن كيف لقبوه بالمطرب وفي هذا قصة في سيرة حياة الشيخ طه الفشني يحكيها لنا ابنه زين الفشني فيقول في عام1937 كان أبي مرافقا لفرقة الشيخ علي محمود للإنشاد الديني..كان صوته محفزا لكثير من الملحنين أن ينظموا له الأغاني سواء محمد عبدالوهاب أو زكريا أحمد وبالفعل قام الشيخ طه بإداء بعض الأغاني فبدأ حياته مطربا بعد أن درس علم النغمات وعلم الموسيقي وعلم الاصوات يجمع بين التجويد والقرآن ودرس الموسيقي مع الشيخ زكريا أحمد ومرسي الحريري, ودرويش الحريري ومحمد عبد الوهاب.. وعندما ظهر الشيخ وسمع بعض رفقاءه أن يلحنوا له وبعد كده قراءته للقرآن شعروا أن صوته خليفة الشيخ علي محمود..بل أنه يجمع كل فنون الإنشاد بداية والابتهالات والتواشيح بالاضافة للتعطيرة وهي تقال عن وصف الرسول عليه الصلاة والسلام وكان الشيخ طه الفشني يعزف علي العود مثلما كان الشيخ علي محمود يلعب عن الناي ـ والشيخ مصطفي إسماعيل يجيد اللعب علي البيانو ـ ولكن كان الشيخ طه متمرسا في الفنون وهناك روايات تقول أن العديد من المطربين فرحوا جدا عندما توجه الشيخ طه الفشني للتلاوة القرآنية والتواشيح..لانه أفسح له المجال وكانوا يعترفون بقدره وكانت أم كلثوم تردد دائما طه الفشني ملك التواشيح.
من الوقائع العجيبة في تاريخ طه قبل ان يلتحق بالإذاعة كقاريء قرآن عام1937 أتفق مع شركة كايرو فون للاسطوانات علي تسجيل عدة أغان له تطرح له في الاسواق وقام بالفعل بتسجيل طقطوقات وعدة أغان علي أساس أن تطرح في الاسواق كتسجيلات ولكن بعدها شاءت الأقدار أن تتحول وجهته وأن يدخل الشيخ طه الفشني الإذاعة عندما سمع رئيس الإذاعة سعيد باشا صوته في حفلة بالحسين وسلك مسلك قراءة القرآن, وترك الطرب ولكن لم يمنع ذلك من أنه تأثر بعلوم الموسيقي, والشيخ طه الفشني كما تروي عن حياته شارك أم كلثوم وعبد الوهاب في أحياء حفل زواج الملك فاروق كمطرب..وتمكن الشيخ من التنوع في صوته بشكل ملفت وعجيب وكان يستطيع أن يقرأ القرآن بالتلاوات السبع وينشد أبيات المديح بست طرق,وطاف بصوته في كل قري ومدن مصر.
وهناك إحدي الوقائع الطريفة في حياة الشيخ طه الفشني أنه تمت دعوته لاحياء أحد الموالد بمركز ديروط بمحافظة اسيوط بصعيد مصر..وبدأ الشيخ بقراءة القرآن كعادته عندما يحيي المناسبات وبعد أن انتهي دخل في إنشاد التواشيح وعندما دخل علي مقطع استقر به المقام سمعه أحد العمد الصعايدة الذين حضروا المولد وهام العمدة بنغم الشيخ طه..وقام من وسط السميعة وأقسم بالطلاق أن يستمر الشيخ طه الفشني يردد هذا المقطع واستقر به المقام حتي الصباح..وعارضه بعض الحاضرين فاصر العمدة ورفع سلاحه وأقسم انه سوف يقتل من يعترضه وأن الشيخ طه الوحيد الذي سيمنع سفك الدماء..وانه يريد أن يسمع ذات المقطع واستقر به المقام حتي الصبح وقام باقي علي الفجر ما يقرب من ساعتين ولم يجد الشيخ طه الفشني أمامه من مفر وحقنا للدماء الا أن يعيد ذات المقطع حتي بزوغ الفجر حتي يرضي العمدة الهائم به ولكن الشيخ طه كان يكرر ذات المقطع بطريقة تختلف عن المرة التي سبقتها وبالقطع كانت طريقته لذلك أجادة لكل مخارج الألفاظ وكانت للشيخ طه رحلات وشهرة خارج مصر وكان الملك السنوسي ملك ليبيا يدعو الشيخ طه الفشني لاحياء شهر رمضان كل عام وكان يستضيفه في القصر الملكي.. وتمتلك الإذاعة البريطانية تسجيلات عديدة للشيخ طه الفشني لانها تقدم قراءات له مرتين كل أسبوع.
وستظل قصة الشيخ طه الفشني مع الاذان متميزة ومتفردة في حياته فالشيخ طه كان مؤذن مسجد الحسين منذ أن دخل الإذاعة..وكانت الجماهير تجلس أمام المشهد الحسيني عند كل صلاة يستمعون لاذان الشيخ طه الفشني كانهم ينتظرون سماع لحن أو حفلا موسيقيا خاصة عندما كان يؤذن الشيخ طه الفشني بمقام الرست وهو الإذان الذي كنا نسمعه وقت العصر في القناة الأولي ويذاع حاليا في قناة الأسكندرية ومدته تصل الي ثلاث دقائق وعشر ثوان.
وهناك إذان أخر للشيخ طه الفشني قام بإدائه بمقام الحجاز ومدته لاتتجاوز دقيقتين وجاء عندما طلب اذنا في وقت لايزيد علي دقيقتين خاصة عندما كان يحل اذان العشاء قبل الساعة الثامنة أو التاسعة بدقيقتين فكان يذاع فيه هذا الاذان وبالاضافة يمتلك طه الفشني اذانه فريد لإذان الفجر قام بأدائه بالمقام البياتي..ومن شدة النغم والألحان في تلك الأذانات التي سجلها الشيخ طه الفشني بصوته تم طبعها في شرائط وسيديهات ويذاع ولذلك نجد أن الأذان الذي يؤديه الشيخ طه الفشني يختلف كل واحد عن الأخر وهو سر التنوع والتعدد في صوت ظل الشيخ ملك التواشيح الدينية كما كانت تلقبه كوكب الشرق أم كلثوم..رغم أنه جمع كل الفنون بصوت عذب قادم من مثل الصخور علي الضفة الشرقية لنهر النيل في مسقط رأسه الفشن..ولكن عتق صوته بحارة الروم في سيدنا الحسين. | |
|